الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أحكام القرآن ***
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} وَهَذَا مِمَّا قَدِ اخْتُلِفَ فِي قِرَاءَتِهِ، فَقَرَأَ قَوْمٌ كَمَا تَلَوْنَا وَقَرَأَهُ قَوْمٌ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَمَنْ قَرَأَهُ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، عَائِشَةُ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْهَا بِأَسَانِيدِهِ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَمِمَّنْ قَرَأَهُ: " فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا "، ابْنُ عَبَّاسٍ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا. 1301- يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ هَذَا أَيْضًا كَمَا: 1302- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَرَأْتُ عِنْدَ أَنَسٍ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، قَالَ أَنَسٌ: " أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا " وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُ هَذَا مِمَّا تُوَافِقُ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ مَعْنَى هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ جَمِيعًا إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، لِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَصِلُ بِ: لَا، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}، وَكَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}، فِي مَعْنَى: أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، وَأُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَأُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَكَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ما: 1303- قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، فَمَا نَرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: " كَلَا، لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ كَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، إِنَّمَا أُنْزِلَ فِي الْأَنْصَارِ، كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ". 1304- وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ مَنَاةَ كَانَتْ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَحَوْلَهَا الْفُرُوثُ وَالدِّمَاءُ، يَذْبَحُ لَهَا الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ الْأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا إِذَا أَحْرَمْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَحِلَّ لَنَا فِي دِينِنَا أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} " قَالَ عُرْوَةُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أُبَالِي أَلَّا أَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ عَائِشَةُ: " لِمَ يَا بْنَ أُخْتِي؟ " قَالَ: لِأَنِّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فَقَالَتْ عَائِشَةُ: " لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا " قَالَتْ عَائِشَةُ: " وَلَعَمْرِي مَا تَمَّتْ حَجَّةُ أَحَدٍ، وَلَا عُمْرَتُهُ، لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ " فَزَادَ حَدِيثُ حَمَّادٍ هَذَا عَنْ هِشَامٍ، عَلَى حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ، قَوْلَ عَائِشَةَ: " مَا تَمَّتْ حَجَّةُ أَحَدٍ، وَلَا عُمْرَتُهُ، لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ " وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ مَأْخُوذًا مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ فَقَوْلُ عَائِشَةَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى وُقُوفِهَا عَلَى وُجُوبِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا وَأَمَّا قَوْلُهَا لِعُرْوَةَ: " لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ لَكَانَتْ: " فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا "، فَذَلِكَ عِنْدَنَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ لَوْ كَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الصِّلَةِ الَّتِي يَرْجِعُ بِهَا الْمَعْنَى إِلَى قَوْلِهِ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُرْوَةَ بِزِيَادَةِ مَعْنًى عَلَى هِشَامٍ، وَبِمَعْنًى ذَكَرَهُ فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ كَما: 1305- قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ، قَالَ عُرْوَةُ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهَا: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}؟ قَالَ: فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: وَاللهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَلَّا يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَالَتْ: " بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا بْنَ أُخْتِي، إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَوْ كَانَتْ عَلَى مَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ، كَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، وَإِنَّهَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِي أَنَّ الْأَنْصَارَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا كَانُوا يُهِلُّونَ هَمْ وَغَسَّانُ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ عِنْدَ الْمُشَلَّلِ، وَكَانَ مَنْ أَهَلَّ لَهَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَتَطَوَّفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} " قَالَتْ عَائِشَةُ: " ثُمَّ قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِالَّذِي حَدَّثَنِي عُرْوَةُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ هَذَا لَعِلْمًا مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّاسَ، إِلَّا مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ، كَانُوا يَطُوفُونَ كُلُّهُمْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الطَّوَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالُوا: هَلْ عَلَيْنَا يَا رَسُولَ اللهِ حَرَجٌ فِي أَنْ نَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَسْمَعُ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالَّذِينَ كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ تَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مَعَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ حِينَ ذَكَرَهُ. 1306- وَكَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ غَسَّانَ فِي حَدِيثِهِ أَصْلًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا قَدْ سَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ مَا فِي كِتَابِ اللهِ مِنْ قَوْلِهِ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، إِنَّمَا هُوَ عَلَى إِبَاحَةِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا مِنْ أَجْلِهِ، لَا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، فَصَارَ الطَّوَافُ بَيْنَهُمَا مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّخَلُّفُ عَنْهَا مَعَ مَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَ اللهِ فِيهِمَا أَنْ جَعَلَهُمَا مِنْ شَعَائِرِهِ، وَالشَّعَائِرُ هِيَ الْعَلَامَاتُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَامَاتٍ لِمَا دَعَا إِلَيْهِ، وَالْوَاحِدَةُ منْهَا شَعِيرَةٌ، وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ، وَالشَّعَائِرُ الْعَلَامَاتُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَنْ يَأْخُذُوا عَنْهُ مَنَاسِكَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: " لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا "، وَطَافَ بَيْنَهُما: 1307- كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا انْتَهَى فِي حَجَّتِهِ، وَفِي طَوَافِهِ لَهَا إِلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَ: " نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ "، يُرِيدُ قَوْلَهُ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} فَصَارَتَا بِذَلِكَ كَسَائِرِ شَعَائِرِ اللهِ فِي الْحَجِّ، وَكَانَ تَارِكُهُمَا فِي حُكْمِ تَارِكِ مَا سِوَاهُمَا مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِمَا، خَلَا مَا خُصَّتْ بِهِ عَرَفَةُ، إِذْ كَانَ قَدْ جَعَلَ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا مِمَّنْ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْحَجِّ إِلَى غَيْرِهِ، وَخَلَا مَا خُصَّ بِهِ طَوَافُ الزِّيَارَةِ فِيمَا وُكِّدَ مِنْ أَمْرِهِ، وَفِيمَا جُعِلَ عَلَى تَارِكِهِ مِنَ اللُّبْثِ فِي إِحْرَامِهِ حَتَّى يَطُوفَهُ، فَهَذَا حَمَلَهُ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي قَدْ رُوِيَ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا أَنَسٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1308- قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَالَ: " كَانَتَا مِنْ مَشَاعِرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ}، إِلَى قَوْلِهِ: {شَاكِرٌ عَلِيمٌ} ". 1309- وَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. 1310- وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا عَنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، وَزَادَ قَالَ أَنَسٌ: " وَهُمَا تَطَوُّعٌ ". 1311- وَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَارِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ وَهُوَ أَبُو زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، كَأَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الطَّوَافَ بِهِمَا؟ قَالَ: " أَجَلْ، كَانَتَا مِنْ مَشَاعِرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكُنَّا نَتَّقِيهُمَا حَتَّى ذَكَرَهُمَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ " قَالَ: " وَالطَّوَافُ بَيْنَهُمَا تَطَوُّعٌ، {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} ". 1312- وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: " أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى نَزَلَتْ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ}؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَتَا مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكُنَّا نَكْرَهُ الطَّوَافَ بِهِمَا حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ " فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الطَّوَافَ بِهِمَا، لِأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ مَا سِوَاهُمَا مِنَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَالْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ، وَذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ صَارَ مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ فِي الْإِسْلَامِ، فَكَانَ كَذَلِكَ الطَّوَافُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، بَعْدَ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُمَا فِي كِتَابِهِ صَارَ مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ فِي الْإِسْلَامِ وَأَمَّا قَوْلُ أَنَسٍ: " وَهُمَا تَطَوُّعٌ "، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا هُوَ، عِنْدَنَا، مِنْ قَوْلِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ، وَعَلى ظَاهِرِ نَفْيِ الْجُنَاحِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى نَفْيِ الْحَرَجِ عَنْهُمَا فِي الْمُرَاجَعَةِ، فَحُمِلَ مَعْنَى: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا فَكَانَ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ وُقُوفِهَا عَلَى، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّخَلُّفُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَعَلَهُ مِنْ سُنَنِهِ، كَمَا لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّخَلُّفُ عَمَّا قَدْ جَعَلَهُ مِنْ سُنَنِهِ فِي الْحَجِّ سِوَى ذَلِكَ كَطَوَافِ الصَّدَرِ، وَكَطَوَافِ الْقُدُومِ، وَكَالصَّلَاةِ عَلَى إِثْرِ الطَّوَافِ، وَكَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ سُنَنِهِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الَّتِي لَا يُرَخَّصُ لِلْحَاجِّينَ وَلَا الْمُعْتَمِرِينَ فِي تَرْكِهِمَا فِي حَجِّهِمْ، وَلَا فِي عُمَرِهِمْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ بِعَقِبِ قَوْلِهِ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، تِبَاعًا سُنَّةً لِذَلِكَ: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ بِهِمَا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنَ التَّطَوُّعِ الَّذِي قَدْ أَمَرَ بِهِ فِيهِمَا قِيلَ لَهُ: لَيْسَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتَ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا وَصَفْتَ لَكَانَ الطَّوَافُ بَيْنَهُمَا قُرْبَةً، وَكَانَ لِلنَّاسِ أَنْ يَطَّوَّعُوا بِالطَّوَافِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا حَاجِّينَ، وَلَا مُعْتَمِرِينَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ الْحَجِّ، وَفِي غَيْرِ الْعُمْرَةِ، لَيْسَ مِمَّا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْعِبَادُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا مِمَّا يَتَطَوَّعُونَ لَهُ بِهِ، وَأَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ لَا مَعْنَى لَهُ، وَلَا قُرْبَةَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَجٍّ أَوْ فِي عُمْرَةٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَكِنَّهُ رَجَعَ عَلَى قَوْلِهِ: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ}، أَيْ مَنْ تَطَوَّعَ بِحَجٍّ أوعُمْرَةٍ، {فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}. 1313- وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ قَالَ: صَدَقُوا " فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يُخْبِرُ أَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، يَعْنِي: فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنَ السُّنَّةِ، فَقَدْ وَافَقَ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ، لَا مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ أَنَسٍ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ يَذْهَبُونَ فِي الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا لِحَاجٍّ، وَلَا لِمُعْتَمِرٍ تَرْكُهُ، وَأَنَّ تَارِكًا إِنْ تَرَكَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَعَلَيْهِ لِذَلِكَ دَمٌ، وَتَجْزِيهِ حَجَّتُهُ وَعُمْرَتُهُ وَهَكَذَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ رَأْيِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ وَهَذَا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَإِنَّمَا يَكُونُ بِعَقِبِ أَوَّلِ طَوَافٍ يَطُوفُهُ الْحَاجُّ لِحَجِّهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الطَّوَافُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَهُوَ طَوَافٌ مَأْخُوذٌ مِنْ طَوَافِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَجَّتِهِ وَعِنْدَ قُدُومِهِ مَكَّةَ عَلَى مَا قَدْ رُوِّينَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ، سَعَى بِعَقِبِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْحَاجُّ لَمْ يَطُفْ لِحَجَّتِهِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، ثُمَّ طَافَ لَهَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِيمَا بَعْدَهُ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ، فَهُوَ طَوَافٌ وَاجِبٌ سَعَى بِعَقِبِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَفِي الْحَجِّ طَوَافٌ آخَرُ، وَهُوَ طَوَافُ الصَّدَرِ الَّذِي يَطُوفُهُ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَصْدُرَ عَنْ مَكَّةَ إِلَى مَا سِوَاهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ حَجَّتِهِ الَّتِي كَانَ دَخَلَ مَكَّةَ لَهَا وَحِلِّهِ مِنْهَا، فَذَلِكَ طَوَافٌ وَكَّدَتْهُ السُّنَّةُ. 1314- كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَنْفِرُونَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلم: " لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ " قَالَ أبَوُ جَعْفَرٍ: وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْهَبُونَ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا يَعْذُرُونَ حَائِضًا وَلَا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ فِي تَرْكِ الطَّوَافِ لِلصَّدَرِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ كَانَ عَنْهُ إِلَى مَا سِوَاهُ، مِمَّا حَدَّثَ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى بَلَغَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الرُّخْصَةُ لِلْحُيَّضِ، فَتَرَكَ مَا كَانَ يَقُولُهُ مِنْ ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَعَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسٍ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحُيَّضِ، أَنَّهُنَّ فِي ذَلِكَ كَالنِّسْوَةِ الطَّاهِرَاتِ، وَأَنَّهُنَّ يَجْعَلْنَ آخِرَ عَهْدِهِنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ كَما: 1315- قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزَّجَّاجِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: " سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ امْرَأَةٍ حَاضَتْ، قَالَ: تَجْعَلُ آخِرَ عَهْدِهَا الطَّوَافَ " قَالَ: " هَكَذَا حَدَّثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلْتُهُ " قَالَ: فَقَالَ لِي عُمَرُ: " أَرِبْتَ عَنْ يَدَيْكَ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ سَأَلْتَ عَنْهُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْمَا أُخَالِفَهُ ". 1316- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بن أَوْسٍ. 1317- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَطُوفُ ثُمَّ تَحِيضُ وَكَانَ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا حَاضَتْ بَعْدَ طَوَافِهَا بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا فِي حَجِّهَا، وَهُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ، كَانَ لَهَا أَنْ تَنْفِرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَطُوفَ طَوَافَ الصَّدَرِ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا مَكَانَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا قَدْ. 1318- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ خُفِّفَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ابْنَ طَاوُسٍ قَدْ حَفِظَ عَنْ طَاوُسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ عَنْهُ سُلَيْمَانُ، فَهُوَ أَوْلَى. 1319- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي رُزَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ اخْتَلَفَا فِي الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَمَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ زَيْدٌ يَكُونُ آخِرَ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَنْفِرُ إِذَا شَاءَتْ فَقَالَ الْأَنْصَارُ لَا نُبَايِعُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَنْتَ تُخَالِفُ زَيْدًا فَقَالَ: سَلُوا صَاحِبَتَكُمْ أَمَّ سُلَيْمٍ فَسَأَلُوهَا، فَقَالَتْ: " حِضْتُ بَعْدَ مَا طُفْتُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَنْفِرَ، وَحَاضَتْ صَفِيَّةُ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: الْخَيْبَةُ لَكِ، حَبَسْتِ أَهْلَنَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْفِرَ ". 1320- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنْتَ الَّذِي تُفْتِي الْحَائِضَ أَنْ تَصْدُرَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ فَقَالَ: سَلْ فُلَانَةَ الْأَنْصَارِيَّةَ، هَلْ أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَصْدُرَ؟ فَسَأَلَ الْمَرْأَةَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا أَرَاكَ إِلَّا قَدْ صَدَقْتَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَسُؤَالُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّةَ، وَرُجُوعُهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَصْدِيقُهُ إِيَّاهُ فِيمَا كَانَ خَالَفَهُ فِيهِ وَحَاجَّهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، إِلَى الَّذِي كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ خَالَفَهُ فِيهِ. 1321- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَسُلَيْمَانَ خَالِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ قَرِيبًا مِنْ سِنِينَ يَنْهَى أَنْ تَنْفِرَ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ " ثُمَّ قَالَ: " ثَبَتَ أَنَّهُ قَدْ رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ ". 1322- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ الْيَمَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، يُسْأَلُ عَنْ حَبْسِ النِّسَاءِ عَنِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ إِذَا حِضْنَ قَبْلَ النَّفْرِ، وَقَدْ أَفَضْنَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ: " إِنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُخْصَةً لِلنِّسَاءِ " وَذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بِعَامٍ. 1323- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ لِلْحَائِضِ إِذَا أَفَاضَتْ أَنْ تَنْفِرَ " قَالَ طَاوُسٌ: وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: لَا تَنْفِرُ ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدُ يَقُولُ: " تَنْفِرُ، رَخَّصَ لَهُنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". 1324- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَيْرٍ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْفِرَ رَأَى صَفِيَّةَ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً حَزِينَةً وَقَدْ حَاضَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: " فَانْفِرِي إِذَنْ ". 1325- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُرْوَةِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ. 1326- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ صَفِيَّةَ ابْنَةَ حَيِيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاضَتْ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ " فَقُلْتُ: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ قَالَ: " فَلَا إِذَنْ ". 1327- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِخْرَاجُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُيَّضَ مِمن أَمَرَهْ أَلَّا يَنْفِرَ مِنَ الْحَجِّ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ طَوَافَ الصَّدَرِ لَيْسَ فِي الْوُجُوبِ كَطَوَافِ يَوْمِ النَّحْرِ، لِأَنَّ الْحَائِضَ لَا يُرَخَّصُ لَهَا فِي تَرْكِ طَوَافِ يَوْمِ النَّحْرِ، كَمَا رُخِّصَ لَهَا فِي تَرْكِ طَوَافِ الصَّدَرِ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُونَ فِي طَوَافِ الصَّدَرِ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْحَاجِّ كَطَوَافِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَأَنَّ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ هُوَ الْوَاجِبُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْحَاجِّ، وَأَنَّهُ إِنْ تَرَكَهُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فِي حُرْمَةٍ مِنَ الْحَجِّ، بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَأَنَّهُ لَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ الْبَيْتَ فَيَطُوفُ بِهِ ثُمَّ يَخْتَلِفُونَ هَلْ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ دَمٌ لِتَأْخِيرِهِ الطَّوَافَ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ أَمْ لَا؟ فَيَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ دَمٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَيَقُولُ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَا دَمَ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي تَارِكِ طَوَافِ الصَّدَرِ مِنَ الرِّجَالِ وَمِنَ النِّسَاءِ غَيْرِ الْحُيَّضِ مِنْهُنَّ: إِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعُ حَتَّى يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ، وَإِنَّهُ يُجْزِئُهُمُ الدِّمَاءُ مِنْ ذَلِكَ يَبْعَثُونَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى يُذْبَحَ عَنْهُمْ فِيهَا حَدَّثَنَا بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَكَانَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا دَمَ فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ رَمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، أَنْ يَرْمُلُوا فِي طَوَافِهِمْ عِنْدَ قُدُومِهِمْ مَكَّةَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ الْأُوَلِ مِنَ الطَّوَافِ الْأَوَّلِ وَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1328- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " طَافَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَبْعًا، رَمَلَ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ". 1329- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا وَكَّدَهُ فِعْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُرَخِّصُوا لِأَحَدٍ فِي تَرْكِهِ إِلَّا النِّسَاءِ، فَإِنَّهُمْ جَمِيعًا مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا رَمَلَ عَلَيْهِمْ، وَغَيْرَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ. 1330- كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَمَلَ بِالْبَيْتِ، وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ؟ قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا قُلْتُ: مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا؟ قَالَ: صَدَقُوا، قَدْ رَمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ وَكَذَبُوا، لَيْسَ بِسُنَّةٍ إِنَّ قُرَيْشًا قَالَتْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ: دَعُوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ حَتَّى يَمُوتُوا مَوْتَ النَّغَفِ فَلَمَّا صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَجِيءَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَيَمْكثوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِمَكَّةَ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: " ارْمُلُوا ثَلَاثًا، وَلَيْسَتْ بِسُنَّةٍ ". 1331- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ نَضِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُطْرُبُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ بِالْبَيْتِ، وَأَنَّهَا سُنَّةٌ؟ قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا، قَدْ رَمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ، وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ، وَلَكِنْ قَدِمَ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى قُعَيْقِعَانَ، وَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ هَزْلًا فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: " ارْمُلُوا، أَرُوهُمْ أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً " فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، فَإِذَا تَوَارَى عَنْهُمْ مَشَى وَلَمَّا رَمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ مِنْ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ فِي حَجَّتِهِ لَا بِحَضْرَةِ عَدُوٍّ، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ رَمَلَهُ الَّذِي كَانَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ الْأُوَلِ مِنَ الطَّوَافِ لِعُمْرَتِهِ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلْعَدُوِّ، وَإِنَّمَا كَأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ ذَلِكَ الطَّوَافِ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، سِوَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ، يَقُولُونَ فِي هَذَا وَهَذَا الرَّمَلُ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الرِّجَالِ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ فِي أَوَّلِ طَوَافٍ يَطُوفُهُ الْحَاجُّ فِي حَجَّتِهِ، وَيَطُوفُهُ الْمُعْتَمِرُ لِعُمْرَتِهِ وَيَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ مِنَ الرِّجَالِ وَمِنَ النِّسَاءِ أَنْ يَفْتَتِحَ الطَّوَافَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَيَسْتَلِمُهُ إِنْ قَدِرَ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ يَسْتَقْبِلُهُ، وَيُكَبِّرُ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ كَمَا يَفْعَلُ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَمْضِي فِي طَوَافِهِ، ثُمَّ لَا يَمُرُّ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طَوَافِهِ إِلَّا اسْتَلَمَهُ إِنْ قَدِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَاسْتَقْبَلَهُ، وَكَبَّرَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرِهِ ذَلِكَ فَمِمَّا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْمُلُ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ "، غَيْرَ أَنَّهُ إِنَّمَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ابْتِدَاءُ الرَّمَلِ خَاصَّةً، لَا ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الرَّمَلِ مِنْ هُنَاكَ، وَقَدْ كَانَ ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ مِنْ غَيْرِهِ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فوجدنا: 1332- عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ". 1333- وَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنِي أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا، وَيَمْشِي أَرْبَعًا عَلَى هَيْئَتِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ " فَكَانَ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ ابْتِدَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ وَانْتِهَاءَهُ فِي كُلِّ شَوْطٍ إِلَى حَيْثُ ابْتَدَأَهُ، وَلَيْسَ كَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي قَالَ فِيهِ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ حَيْثُ يَرَاهُ الْعَدُوُّ، فَإِذَا تَوَارَى عَنْهُمْ مَشَى " هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ بِالرَّمَلِ مِنْ حَيْثُ رَمَلَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ بِالْمَشْيِ مِنْ حَيْثُ مَشَى وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فِي هَذَا مَا يُدُلُّ عَلَى مَا رُوِيَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا. 1334- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ سَبْعًا، رَمَلَ فِي ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ " فَهَذَا يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ أَنْ يَبْتَدِئَ الطَّوَافَ بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلطَّائِفِينَ بِهِ أَنْ يَكُونَ طَوَافُهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ، وَأَلا يَحْتَسِبُوا فِيهِ بِطَوَافٍ إِنْ كَانُوا طَافُوهُ فِي الْحَجَرِ، لِأَنَّ الْحَجَرَ مِنَ الْبَيْتِ، وَإِنَّمَا عَلَى النَّاسِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، لَا الطَّوَافُ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آثَارٌ فِي الْحَجَرِ أَنَّهُ مِنَ الْبَيْتِ، أَوْ أَنَّ بَعْضَهُ مِنَ الْبَيْتِ فَمِنْهَا ما: 1335- قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بن يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَجَرِ، فَقَالَ: هُوَ مِنَ الْبَيْتِ قُلْتُ: فَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوهُ فِيهِ؟ قَالَ: عَجَزَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ ". 1336- وَمِنْهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: " لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةُ، وَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابًا شَرْقِيًّا، وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَلَزِدْتُ سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحَجَرِ فِي الْبَيْتِ أَنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْهُ لَمَّا بَنَتِ الْبَيْتَ ". 1337- وَمِنْهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بُكَيْرُ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ بَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، قَالَ: قَاتَلَ اللهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَيْثُ يَكْذِبُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، يَقُولُ: سَمِعْتُهَا وَهِيَ تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا حَدَثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ حَتَّى أُزِيدَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ " فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: لَا تَقُلْ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنَا سَمِعْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، تَقُولُ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ سَمِعْتُ هَذَا مِنْكَ قَبْلَ أَنْ أَهْدِمَهُ فَتَرَكْتُهُ. 1338- وَمِنْهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ قَتَادَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَهَا أَنْ تُصَلِّي فِي الْبَيْتِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تُصَلِّي فِي الْحِجْرِ، قَالَتْ: إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ أُصَلِّي فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ: " إِنَّهُ مِنَ الْبَيْتِ، وَلَوْ مَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِشِرْكٍ أَلْحَقْتُهُ بِالْبَيْتِ " قَالَ أَحْمَدُ: وَكَانَ مَا فِيهِ الزِّيَادَةُ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنْهَا مِمَّا يُثْبِتُ أَنَّ كُلَّ الْحِجْرِ مِنَ الْبَيْتِ أَوْلَى مِمَّا يَقْصُرُ عَنْ ذَلِكَ مِنْهَا فَدَلَّ مَا صَحَّحْنَا مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَلَيْهِ، عَلَى أَنَّ الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ وَلَمَّا كَانَ الطَّوَافُ مِنْ وَرَاءِ بَقِيَّةِ الْبَيْتِ، كَانَ كَذَلِكَ يَكُونُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ الَّذِي قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنَ الْبَيْتِ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ يَقُولُونَهُ فيِ هَذَا، وَلَا بَأْسَ بِاسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فِي الطَّوَافِ، وَلَا يَصْلُحُ اسْتِلَامُ غَيْرِهِ وَغَيْرِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ مِنْ سَائِرِ أَرْكَانِ الْبَيْتِ، مَعَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا، مِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ كَما: 1339- قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " كُنَّا نَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا " وَمِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ كَما: 1340- قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ الرَّؤاسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ الْجَزَرِيُّ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ مُعَاوِيَةَ طَافَ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَجَعَلَ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِمَ تَسْتَلِمُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُهُمَا؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَيْسَ مِنَ الْبَيْتِ شَيْءٌ مَهْجُورُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قَالَ: صَدَقْتَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ مُعَاوِيَةِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، إِلَى الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَرْكِهِ اسْتِلَامِ أَرْكَانِ الْبَيْتِ سِوَى الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِثْلِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ. 1342- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ وَالَّذِي مِنْ نَحْوِ دَارِ الْجُمَحِيِّينَ ". 1343- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. 1344- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: رَأَيْتُكَ لَا تَمَسَّ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ؟ فَقَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا اسْتِدْلَالٌ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِلَامَ لِمَا سِوَى الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ. 1345- وَذَلِكَ أَنَّ يُونُسَ. 1345- حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَخْبَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " أَلَمْ تَرَيْ إِلَى قَوْمِكِ حِينَ بَنَوُا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا تَرُدَّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: " لَوْلَا حَدَثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ " قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أَرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَلَمَّا كَانَ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ لَا يُسْتَلَمُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ، كَانَ أَيْضًا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْبَيْتِ مِمَّا لَيْسَ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ لَا يُسْتَلَمُ فِي الطَّوَافِ، وَلَمْ يَكُنْ أَصْحَابُنَا ذَكَرُوا فِي كُتُبِهِمُ اسْتِلَامَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، وَلَا نَرَى ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِمْ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اسْتِلَامِهِ إِيَّاهُ فِي طَوَافِهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا، وَلَوِ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِهِمْ لَقَالُوهُ، غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِمَّا رَوَاهُ عَنْهُ هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيُّ مِمَّا لَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، أَمْرَهُ بِاسْتِلَامِهِ فِي الطَّوَافِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَمَّا اتَّصَلَ بِنَا كَمَا ذَكَرْنَا بِهِ وَاسْتَحَيْنَاهُ فِي الطَّوَافِ، وَاللهُ نَسْأَلَهُ التَّوْفِيقَ وَيَنْبَغِي لِمَنِ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ أَنْ يُقَبِّلَهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَيْضًا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ما: 1346- قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادٍ قَبَّلَ الْحَجَرَ، ثُمَّ سَجَدَ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ خَالَكَ قَبَّلَ الْحَجَرَ، ثُمَّ سَجَدَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: " رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَبَّلَ الْحَجَرَ، وَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ ". 1347- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَبَّلَ الْحَجَرَ، ثُمَّ سَجَدَ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ خَالَكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ حَدِيثِ يَزِيدَ هَذَا. 1348- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَبَّلَ عُمَرُ الْحَجَرَ، وَقَالَ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ ". 1349- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ الْأَصْلَعَ، يَعْنِي: عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يُقَبِّلُ الْحَجَرَ، وَيَقُولُ: " وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ ". 1350- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفيان، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ، عَنْ عُمَرَ، " أَنَّهُ أَتَى الْحَجَرَ فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ سَجَدَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ مَا فَعَلْتُهُ ". 1351- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ، وَيَقُولُ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَ حَفِيًّا ". 1352- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ، وَيَقُولُ: " إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ، وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ لَمْ أَقُبِّلْكَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَيَنْبَغِي لِمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ، إِمَّا عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ كَما: 1353- قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ لِحَجَّتِهِ عِنْدَ قُدُومِهِ مَكَّةَ، تَقَدَّمَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ " وَكَانَ أَبِي يَقُولُ: وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقْرَأُ ثَمَّ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِ: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَ: قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ. 1354- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، يُحَدِّثُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: صَلَّى عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى طَافَ عَلَى سَبْعَةٍ، ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ، ثُمَّ قَالَ: " نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَيَنْبَغِي لِمَنْ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَرْمُلُ فِي بَطْنِ السَّيْلِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ فِي طَوَافِهِ لِحَجَّتِهِ. 1355- فِيمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ}، فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ، فَوَحَّدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَبَّرَهُ، ثُمَّ قَالَ: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ "، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، فَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى انْتَصَبَتْ قَدَمَاهُ، رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي حَتَّى إِذَا صَعَدَ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا " وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْفُصُولِ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَسَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ اخْتِلَافٌ فِي الرَّمَلِ فِي بَطْنِ الْوَادِي فَأَمَّا كَثِيرُ بْنُ جُهْمَانَ فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1356- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ جُمْهَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْشِي فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ، فَقُلْتُ: تَمْشِي وَتَأْمُرُ النَّاسَ بِالسَّعْيِ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: " إِنْ أَمْشِي فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي، وَإِنْ أَسْعَ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرَ يَسْعَيَانِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَشْي ابْنِ عُمَرَ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ، وَأَمْرُهُ النَّاسَ بِالسَّعْيِ فِيهِ، وَذِكْرُهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُمَا فِيهِ وَذَلِكَ مُحْتَمِلٌ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ كَانَ مَذْهَبُهُ أَنْ لَا فَضْلَ فِي ذَلِكَ لِلسَّعْيِ عَلَى الْمَشْيِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعَى فِي بَعْضِ ذَلِكَ، وَمَشَى فِي بَعْضِهِ وَأَمَّا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ فَرُوِي عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا: 1357- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرٍ، " أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَسْعَى مِنْ لَدُنْ سِكَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ رَفَاقِ بْنِ سَاعٍ ". 1358- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: " إِنِّي لَأَسْعَى، وَإِنِّي لَأَظُنُّ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عُمَرَ يَسْعَى " فَفِي حَدِيثَيْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ هَذَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْعَى، وَذَلِكَ خِلَافُ مَا رَوَاهُ كَثِيرُ بْنُ جُمْهَانَ عَنْهُ مِمَّا ذَكَرْنَا وَفِي أَحَدِهِمَا أَيْضًا أَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عُمَرَ يَمْشِي، فَذَلِكَ عَلَى مَا لَا حَقِيقَةَ فِيهِ عِنْدَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عُمَرَ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى طَلَبِ الْحَقِيقَةِ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَمَلَ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ فِي هَذَا أَوْلَى مِمَّا رُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ تَرْكُ شَيْءٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ، إِذْ كَانَ قَدْ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَأْخُذُوا مَنَاسِكَهُمْ مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ كَما: 1359- قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: " لِتَأْخُذْ أُمَّتِي مَنَاسِكَهَا، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا " وَوَجَدْنَا حَبِيبَةَ ابْنَةَ أَبِي تَجْرُؤَةَ قَدْ رَوَتْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِعْلِهِ، ثُمَّ ذَكَرَتْهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ كَما: 1360- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةُ ابْنَةُ شَيْبَةَ، عَنِ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: حَبِيبَةُ ابْنَةُ تَجْرُؤَةَ، قَالَتْ: دَخَلْنَا دَارَ أَبِي حُسَيْنٍ، وَمَعِي نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَتَّى أَنَّ ثَوْبَهُ لَيَدُورُ بِهِ، وَهُوَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: " اسْعَوْا، فَإِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُضُورُ حَبِيبَةَ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِالسَّعْيِ، وَإِخْبَارِهِ إِيَّاهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ كَتَبَهُ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، هُوَ السَّعْيُ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا، لِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ لَا سَعْيَ فِيهِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ، وَدَلَّ عَلَيْهِ ما: 1361- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ، عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ شَيْبَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْعَى فِي الْمَسِيلِ وَهُوَ يَقُولُ: " لَا يُقْطَعُ الْأَبْطَحُ إِلَّا شَدًّا "، وَلَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ حَمَّادٌ صَفِيَّةَ فَعَقَلْنَا بِحَدِيثِ حَمَّادٍ هَذَا أَنَّ السَّعْيَ الْمُرَادَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مُحَيْصِنٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا هُوَ السَّعْيُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ وَقَدْ رُوِيَ فِي السَّعْيِ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ أَيْضًا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَما: 1362- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، " أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ يُوَلِّي مَا بَيْنَهُمَا شَدًّا، وَكَانَ عُرْوَةُ لَا يَسْعَى إِلَّا وَاحِدَةً " وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَما: 1363- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا، فَذُكِرَ لِي أَنَّ عَائِشَةَ وَابْنَ مَسْعُودٍ قَدِمَا مُعْتَمِرِينَ قَالَ: فَحُيِّرْتُ أَيُّهُمَا أَتْبَعُهُ وَأَرْمُقُهُ، وَأَفْعَلُ كَمَا يَفْعَلُ؟ فَأَتَيْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَرَمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا عَلَى هَيْئَتِهِ، ثُمَّ أَتَى الْمَقَامَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الصَّفَا، فَقَامَ عَلَيْهَا مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، فَجَعَلَ يُلَبِّي، فَقُلْتُ: إِنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِنَا يَنْهَوْنَ عَنِ التَّلْبِيَةِ، فَقَالَ: " أَنَا آمُرُكَ بِهَا، إِنَّمَا التَّلْبِيَةُ اسْتِجَابَةٌ اسْتَجَابَ بِهَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ "، ثُمَّ نَزَلَ، فَمَشَى حَتَّى أَتَى الْوَادِيَ، فَسَعَى، فَجَعَلَ يَقُولُ: " رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ "، ثُمَّ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَقَامَ عَلَيْهَا فَحَسَبَهُ قَالَ: فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَافَ بَيْنَهُمَا سَبْعًا وَالسَّعْيُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَمُؤَكَّدٌ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، وَمِنْ أَفْعَالِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مِنْ بَعْدِهِ، فَلَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِّيتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثِ كَثِيرٍ مَا رُوِّيتَ؟ قِيلَ لَهُ: قَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْهُ، خِلَافُ ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ بَكْرٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ حَقِيقَةُ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، وَمَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَحَبِيبَةَ حَقِيقَةُ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِهِ، وَمَعَ حَبِيبَةَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا سِوَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا وَيَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أَنْ يُصَلِّي بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ مِنْ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَالصُّبْحَ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ مِنْ حَجَّتِهِ كَما: 1364- قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى، أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي ذَلِكَ ما: 1365- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ: إِنِّي مُضْعَفٌ مِنَ الْحُمُولَةِ، وَمَعَهُ خَمْسُ دَبَّابَاتٍ، فَأَفِيضُ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ؟ فَقَالَ: " إِنَّ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ بِمِنًى، فَلَمَّا أَصْبَحَ وَجَّهَ إِلَى عَرَفَةَ، فَوَقَفَ، ثُمَّ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ، فَبَاتَ بِجَمْعٍ، فَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ الْمُعَجَّلَةُ صَلَّى الْفَجْرَ وَوَقَفَ، فَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ الْمُسْفَرَةُ أَفَاضَ، وَقَدْ أَمَرَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتْبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا ما: 1366- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: " مِنْ سُنَّةِ الْحَاجِّ أَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ بِمِنًى " وَهَذَا فِيمَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي خُطَبِ الْحَجِّ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: هِيَ ثَلَاثُ خُطَبٍ وَيَخْتَلِفُونَ فِي أَوْقَاتِهَا، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: إِحْدَاهُنَّ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بَيَوْمٍ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجْلِسُ فِيهَا، وَأُخْرَى يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا جَلْسَةً كَمَا يَصْنَعُ فِي الْجُمُعَةِ، وَخُطْبَةٌ أُخْرَى بَعْدَ النَّحْرِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظُّهْرِ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجْلِسُ فِيهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ فِيمَا ذَكَرَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعَفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ الْحَسَنُ: وَبِهِ نَأْخُذُ وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ قَانِعٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: " يَخْطُبُ إِمَامُ الْحَجُّ ثَلَاثَ خُطَبٍ: خُطْبَةٌ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَخُطْبَةٌ يَوْمَ عَرَفَةَ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَخُطْبَةٌ بَعْدَ النَّحْرِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظُّهْرِ " وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ما: 1367- قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجَرَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي الْحَجِّ ثَلَاثَ خُطَبٍ: خُطْبَةٌ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَخُطْبَةٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَخُطْبَةٌ بَعْدَ النَّحْرِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظُّهْرِ " وَلَمْ نَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: يَخْطُبُ إِحْدَاهُنَّ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ خُطْبَةً وَاحِدَةً لَا يَجْلِسُ فِيهَا، وَيَخْطُبُ إِحْدَاهُنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ، وَيَجْعَلُهَا خُطْبَتَيْنِ، وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا كما يَفْعَلُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَيَخْطُبُ إِحْدَاهُنَّ يَوْمَ النَّحْرِ حَيْثُ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ضَحْوَةً، خُطْبَةً وَاحِدَةً لَا يَجْلِسُ فِيهَا وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ: زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ فِيمَا ذَكَرَهُ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْجُعَفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ زُفَرَ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: هِيَ أَرْبَعُ خُطَبٍ، فَخُطْبَةٌ مِنْهُنَّ يَوْمَ السَّابِعَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ بَعْدَ الظُّهْرِ بِمَكَّةَ يَأْمُرُهُمْ فِيهَا بِالْغُدُوِّ مِنَ الْغَدِ إِلَى مِنًى، وَخُطْبَةٌ أُخْرَى يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَخُطْبَةٌ أُخْرَى بَعْدَ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا النَّحْرَ، وَيُعْلِمُهُمْ أَنَّ مَنْ أَرَادَ التَّعْجِيلَ فَذَلِكَ لَهُ، وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَخْتِمُوا حَجَّهُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ، ذَكَرَهُ لَنَا عَنْهُ الْمُزَنِيُّ وَلَا نَعْلَمُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْخُطَبِ فِي الْحَجِّ قَوْلًا إِلَّا هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُمْ فَأَمَّا الْخُطْبَةُ الْأُولَى، وَهِيَ الْمُخْتَلَفُ فِي مَوْضِعِهَا الَّتِي قَالَ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: إِنَّهَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ، وَقَالَ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي: إِنَّهَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ضُحًى، فَإِنَّ الَّذِينَ جَعَلُوهَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ضُحًى شَبَّهُوهَ بِخُطْبَتَيِ الْعِيدَيْنِ: الْفِطْرِ، وَالنَّحْرِ، وَقَالُوا: وَجَدْنَاهَا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنَ النَّهَارِ، فَجَعَلْنَا هَذِهِ كَذَلِكَ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِأَهْلِ الْقَوْلِ الْآخَرِ، أَنَّ خُطْبَتَيِ الْعِيدَيْنِ قَدْ جُعِلَ لَهُمَا صَلَاتَانِ، وَلَمْ تُجْعَلْ هَذِهِ كَذَلِكَ، إِذْ كَانَتْ لَمْ تُجْعَلْ لَهَا صَلَاةٌ قَبْلَهَا، وَلَا بَعْدَهَا وَكَانَتْ خُطْبَةُ عَرَفَةَ قَدْ أُجْمِعَ عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ فِي الصَّدْرِ الْآخِرِ مِنَ النَّهَارِ، وَهِيَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْخُطْبَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ بِخُطْبَةِ عَرَفَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ، أَشْبَهَ، وَأَنْ يَكُونَ وَقْتُهَا لِوَقْتِهَا وَلَمَّا كَانَتِ الْخُطْبَةُ الَّتِي قَبْلَ عَرَفَةَ فِي وَقْتِهَا بِخُطْبَةِ عَرَفَةَ أَشْبَهَ فِي وَقْتِهَا، وَانْتَفَى أَنْ تَكُونَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنَ النَّهَارِ، وَاسْتَحَالَ أَنْ تُجْعَلَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ، إِذْ كَانَ لَا يَتَهَيَّأُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَهَا بِمَكَّةَ، وَقَدْ صَلَّى صَلَاةَ الظُّهْرِ بِمِنًى، ثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ فِيهَا كَمَا قَالَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ جَعَلُوهَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ، وَإِذْ كَانَ لَا قَوْلَ فِيهَا غَيْرُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، فَلَمَّا انْتَفَى أَحَدُهُمَا ثَبَتَ الْآخَرُ فَهَذَا حُكْمُ الْخُطْبَةِ الَّتِي قَبْلَ عَرَفَةَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ وَأَمَّا الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ فَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَنَّهَا بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا ذَكَرْنَا فِيهَا، غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيمِ الْأَذَانِ عَلَيْهَا، وَفِي تَقْدِيمِهَا عَلَى الْأَذَانِ، وَفِي ابْتِدَاءِ الْإِمَامِ إِيَّاهَا مَعَ أَحَدِ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْأَذَانِ، فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَكَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ الْإِمَامَ كَيْفَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِعَرَفَةَ؟ وَكَيْفَ يَخْطُبُ؟ وَكَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: " يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ، وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ بِالظُّهْرِ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ الْإِمَامُ، فَخَطَبَ، فَحَمِدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَهَلَّلَ، وَكَبَّرَ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِمَا يَحِقُّ عَلَيْهِمْ، وَنَهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ، ثُمَّ دَعَا اللهَ بِحَاجَتِهِ، ثُمَّ نَزَلَ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ "، وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَأَمَّا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، فَحَدَّثَنَا عَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: " أَرَى لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَ فِي الْحَجِّ ثَلَاثَ خُطَبٍ: إِحْدَاهُنَّ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظُّهْرِ، يُخْبِرُهُمْ فِيهَا بِمَنَاسِكِ حَجِّهِمْ، وَيُخْبِرُهُمْ عَنْ فَضْلِ الْحَجِّ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالَّذِي يَلْزَمُهُمْ فِيهِ، وَيَنْهَاهُمْ عَمَّا لَا يَنْبَغِي لَهُمْ فِيهِ " وَالْخُطْبَةُ يَوْمَ عَرَفَةَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: فِيهَا يَصْعَدُ الْإِمَامُ يَوْمَ عَرَفَةَ، ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ كَأَذَانِ الْجُمُعَةِ، وَيَخْطُبُ فِيهَا كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ أَقَامَ قَالَ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: سَمِعْتُ بَعْضَ مُؤَذِّنِي عَرَفَةَ، يَقُولُ: " كُنَّا نُؤَذِّنُ بَعْدَمَا يَخْطُبُ الْإِمَامُ صَدْرًا مِنْ خُطْبَتِهِ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ " وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ فَذَكَرَ لَنَا هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ بَعْضَ مُؤَذِّنِي مَكَّةَ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا آبَاءَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِي تَقَدُّمِ الْإِمَامِ فِي الْخُطْبَةِ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْأَذَانِ، وَأَنَّ آبَاءَهُمْ أَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ رَجَعَ عَنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ قَدْ كَانَ قَالَ مَرَّةً: يَبْتَدِئُ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ وَالْمُؤَذِّنُ الْأَذَانَ مَعًا كَمِثْلِ مَا حَكَيْنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ وَلَوْ خُلِّينَا وَالْقِيَاسَ لَكَانَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلَكَانَتْ خُطْبَةُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، إِذْ فِيهَا الْجُلُوسُ كَمَا فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَكِنْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَمَّ فِي ذَلِكَ خِلَافَ هَذَا الْقَوْلِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ التَّخَلُّفُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ. 1368- أَنَّ يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ، وَرَوْحَ بْنَ الْفَرَجِ، جَمِيعًا قَدْ حَدَّثَانَا، قَالَا: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ السُّلَمِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاحَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ: " إِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ " قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ قَالَ: " اللهُمَّ اشْهَدْ "، وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ قَوْلًا كَثِيرًا، وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، ثُمَّ أَقَامَ الظُّهْرَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ. 1369- وَأَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي حَدِيثِهِ فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِ هَذَا سَوَاءً، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ " وَحَدِيثُ حَاتِمٍ فِي تَرْكِ قَوْلِهِ: " بَعْدَ الْخُطْبَةِ "، أَشْبَهُ عِنْدَنَا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: " بَعْدَ الْخُطْبَةِ "، لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ يَكُونُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْخُطْبَةِ، وَمُحَالٌ عِنْدَنَا أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى خِلَافِ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَذِهِ خُطْبَةُ عَرَفَةَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا أَيْضًا بِمَا قَدْ رُوِيَ فِيهَا، وَبِمَا قَالَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ، وَصَلَّى الله عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ثُمَّ اعْتَبَرْنَا هَذِهِ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ فِي حَدِيثِهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَهِيَ قَوْلُهُ: " ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ أَقَامَ الظُّهْرَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ "، فَوَجَدْنَاهُ مَحْتَمِلًا لِأَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْإِقَامَةِ أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَذَانُ قَدْ كَانَ فِي الْخُطْبَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْخُطْبَةُ الثَّالِثَةُ، وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، أَنَّهَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ زُفَرَ فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا، فَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَمْرُو بْنُ الْأَحْوَصِ، وَأَبُو بَكْرَةَ، وَأَبُو عَادِيَةَ، وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ النَّحْرِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنْ ذَلِكَ ما: 1370- قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دُحَيْمُ بْنُ الْيَتِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ الْجَرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: " أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ " قَالُوا: يَوْمُ النَّحْرِ قَالَ: " فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ " قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ قَالَ: " فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ " قَالُوا: الشَّهْرُ الْحَرَامُ قَالَ: " هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، فَدِمَاؤُكُمْ، وَأَمْوَالُكُمْ، وَأَعْرَاضُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ هَذَا الْبَلَدِ فِي هَذَا الْيَوْمِ " ثُمَّ قَالَ: " هَلْ بَلَّغْتُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " اللهُمَّ اشْهَدْ "، ثُمَّ وَدَّعَ النَّاسَ، فَقَالُوا: هَذِهِ حَجَّةُ الْوَدَاعِ. 1371- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَازِبِ بْنِ سَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ أَبُو غَرْقَدَةَ، عَنْ سَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَ: " أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ " قَالُوا: يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ بَيْنَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ، أَلَا لَا يجَنْيِ وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ، أَلَا وَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي بَلَدِكُمْ هَذَا بَعْدَ يَوْمِكُمْ هَذَا، وَلَكِنْ سَيَكُونُ لَهُ طَاعَةٌ فِي بَعْضِ مَا تَحْقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ يَرْضَى بِهَا عَنْكُمْ فَاحْذَرُوهُ، فَإِنَّهُ عَدُوٌّ لَكُمْ أَلَا وَإِنَّ كُلَّ رِبًا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ، لَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ، وَإِنَّ أَوَّلَ رِبًا يُوضَعُ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ أَلَا وَإِنَّ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ يُوضَعُ دَمُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، كَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي لُبَابَةَ، فَقَتَلَتْهُ وَالْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ مَالِهِ إِلَّا مَا أُحِلَّ لَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَلَا وَاتَّقُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّمَا هُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَكُمْ عَلَيْهِنَّ حَقٌّ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ حَقٌّ، وَمِنْ حَقِّكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلا يُؤْذِنَّ فِي بُيُوتِكُمْ إِلَّا بِإِذْنِكُمْ، وَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا، وَمِنْ حَقِّهِنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ "، ثُمَّ نَادَى: " يَا أُمَّتَاهُ، هَلْ بَلَّغْتُكُمْ؟ يَا أُمَّتَاهُ، هَلْ بَلَّغْتُكُمْ؟ يَا أُمَّتَاهُ، هَلْ بَلَّغْتُكُمْ؟ "، ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: " اللهُمَّ اشْهَدْ " ثم قالت جارية من الحي لأمها: يا أمتاه ما له يدعو أمه؟ قالت: أي بنية إنما يدعو أمته. 1372- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ هَوْدَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْبَكْرَاوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ رَكِبَ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَتَهُ، ثُمَّ وَقَفَ، فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا؟ " فَسَكَتْنَا حَتَّى رِينَا أَنْ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قُلْنَا: بَلَى ثُمَّ قَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيَّ شَهْرٍ هَذَا؟ " فَسَكَتْنَا حَتَّى رِينَا أَنْ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ ذَا الْحَجَّةِ؟ " فَقَالُوا: بَلَى فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيَّ بَلَدٍ هَذَا؟ " فَسَكَتْنَا حَتَّى رِينَا أَنْ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ قَالَ: " أَلَيْسَ الْبَلَدَ؟ فَقُلْنَا: بَلَى قَالَ: " إِنَّ أَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَدِمَاءَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ فِي مِثْلِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي مِثْلِ شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي مِثْلِ بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا لِيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ مُبَلِّغٍ " ثُمَّ مَالَ عَلَى نَاقَتِهِ إِلَى غُنَيْمَاتٍ، فَجَعَلَ يَقْسِمُهُنَّ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ الشَّاةُ، وَبَيْنَ الثَّلَاثَةِ الشَّاةُ ". 1373- وَمِنْهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي عَادِيَةَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ " فَقُلْنَا: نَعَمْ قَالَ: " اللهُمَّ اشْهَدْ، أَلَا لَا تَرْجِعُونَ بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ". 1374- وَمِنْهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَةٍ، فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ يَوْمُكُمْ هَذَا؟ " قَالُوا: يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ: " صَدَقْتُمْ، يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، أَتَدْرُونَ أَيُّ شَهْرٍ شَهْرُكُمْ هَذَا؟ " قَالُوا: ذُو الْحَجَّةِ قَالَ: " صَدَقْتُمْ، شَهْرُ اللهِ الْأَصَمُّ، أَتَدْرُونَ أَيُّ بَلَدٍ بَلَدُكُمْ هَذَا؟ " قَالُوا: الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ قَالَ: " صَدَقْتُمْ، فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَوْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا وَشَهْرِكُمْ هَذَا، أَلَا إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ وَالنَّاسَ، فَلَا تُسَوِّدُوا وَجْهِي، أَلَا وَقَدْ رَأَيْتُمُونِي، وَسَمِعْتُمْ مِنِّي، وَسَتُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأَ مِقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، أَلَا وَإِنِّي مُسْتَنْقِذٌ رِجَالًا وَنِسَاءً، وَمُسْتَنْقَذٌ مِنِّي آخَرُونَ، فَأَقُولُ: أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ " وَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ مِمَّا احْتَجَّ بِهَا الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ أَمِيرَ الْحَاجِّ يَخْطُبُ بِالْحَاجِّ يَوْمَ النَّحْرِ، فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِلْآخَرِينَ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَلَّا خُطْبَةَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ لِلْحَجِّ، أَنَّ هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ لَمْ تَكُنْ فِي أَسْبَابِ الْحَجِّ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ذَكَرَ فِيهَا الْأُمُورَ لَا يَصْلُحُ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ ذِكْرُ بَعْضِهَا، لِأَنَّ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ أَمِيرَ الْحَاجِّ أَنْ يَخْطُبَ بِالْحَاجِّ فِي يَوْمِ النَّحْرِ يَأْمُرُونَه أَنْ يَخْطُبَ بِهِمْ فِي سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ حَجِّهِمْ، فِي تَعْلِيمِهِمْ رَمْيَ جِمَارِهِمْ، وَفِي التَّعْجِيلِ لِمَنْ أَرَادَهُ، وَفِي الْمَقَامِ لِمَنْ أَرَادَهُ، وَفِي نَحْرِ النُّسُكِ وَالدِّمَاءِ، لَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَلَمَّا وَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْطُبِ النَّاسَ بِذَلِكَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ فِي حَجَّتِهِ، وَلَكِنَّهُ خَطَبَهُمْ بِغَيْرِهِ، عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ خُطْبَتَهُ تِلْكَ لَمْ تَكُنْ لِلْحَجِّ، وَأَنَّهَا كَانَتْ لِمَا سِوَاهُ وَفِي تَرْكِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُطْبَةَ يَوْمَئِذٍ بِأَسْبَابِ الْحَجِّ دَلِيلٌ أَنَّ لَا خُطْبَةَ لِلْحَجِّ فِي يَوْمِ النِّحْرِ كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِمَّا قَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ بِهَا فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، كَانَ خَطَبَهُمْ بِهَا يَوْمَ عَرَفَةَ كَما: 1375- قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا زَاغَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي حَجَّتِهِ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ، فَرُحِّلَتْ لَهُ، فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: " إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، أَوَّلُ دَمٍ أَضَعُ دِمَاءَنَا دَمَ ابْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مَسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدٍ، فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَإِنَّ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، اتَّقُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوَطِّئْنَ فُرَشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ " قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وَأَدَّيْتَ، وَنَصَحْتَ فَقَالَ بِأُصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، وَرَفَعَهَا إِلَى السَّمَاءِ يَنْكِبُهَا إِلَى النَّاسِ: " اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ "، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَهَذَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ بِهَذِهِ الْخُطْبَةِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَطَبَ بِهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، ثُمَّ خَطَبَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا مَعْنًى يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. 1376- وَذَلِكَ أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ: قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَمَى يَوْمَئِذٍ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، وَأَعْطَى عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبُضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، فَطُبِخَتْ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ " فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ أَنَّهُ لَمْ يَخْطُبْ يَوْمَئِذٍ، إِذْ كَانَ إِنَّمَا صَارَ مِنْ بَعْدِ الرَّمْيِ إِلَى الْهَدْيِ حَتَّى نَحَرَهُ، وَحَتَّى طُبِخَ لَهُ، وَأَكَلَ مِنْ لَحْمِهِ، وَحَشَا مِنْ مَرَقِهِ، ثُمَّ صَارَ إِلَى مَكَّةَ فَهَذَا خِلَافُ الْآثَارِ الْأُوَلِ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ بِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي حَجَّتِهِ ثَلَاثَ خُطَبٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ خَطَبَهُ سِوَى تِلْكَ الثَّلَاثِ الْخُطَبِ فِي حَجَّتِهِ فَلَمْ تَكُنْ لِلْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ فِي خُطَبِ الْحَجِّ إِلَى أَنَّهَا أَرْبَعُ خُطَبٍ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا قَدْ كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَجَّتِهِ الَّتِي كَانَ حَجَّهَا قَبْلَ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي ذَكَرْنَا خُطَبَهُ هَذِهِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهُ فِيهَا. 1377- كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَجَعَ مِنْ عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى الْحَجِّ " فَأَقْبَلَنَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يُخْطَبُ بِمَكَّةَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَفِي تَرْكِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُطْبَةَ يَوْمَئِذٍ بِمِنًى بَعْدَ الظُّهْرِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى نَسْخِ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ أَبِي بِكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي خُطْبَتِهِ فِي حَجَّتِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِمِنًى وَاللهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْخُطْبَةُ بَعْدَ النَّحْرِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَمَالِكًا، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدًا جَعَلُوهَا ثَانِيَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَجَعَلَهَا الشَّافِعِيُّ ثَالِثَ يَوْمِ النَّحْرِ مَعَ إِجْمَاعِهِمْ أَنَّهَا خُطْبَةٌ يَأْمُرُ الْإِمَامُ النَّاسَ فِيهَا بِالتَّعْجِيلِ إِنْ شَاءُوا، أَوِ الْمَقَامِ إِنْ شَاءُوا وَلَمَّا كَانَ مِمَّا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ أَنَّ الْخُطْبَةَ يَأْمُرُ الْإِمَامُ النَّاسَ فِيهَا بِالْخُرُوجِ إِلَى مِنًى قَبْلَ يَوْمِ الْخُرُوجِ إِلَيْهَا، كَانَ كَذَلِكَ الْخُطْبَةُ الَّتِي يَأْمُرُهُمْ بِالتَّعْجِيلِ فِيهَا بِيَوْمَيْنِ، وَبِالْمَقَامِ قَبْلَ الْيَوْمِ الَّذِي يَخْرُجُونَ فِيهِ وَلَمَّا كَانَتْ خُطْبَةُ عَرَفَةَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ الْأَخِيرِ، كَانَ كَذَلِكَ الْخُطْبَةُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ تَكُونُ فِي صَدْرِ النَّهَارِ الْأَخِيرِ، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ فِي هَذَا الْبَابِ: " فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلُ قَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ يَنْفِرُونَ، وَكَيْفَ يَرْمُونَ "، فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ خُطْبَتَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ النَّفْرُ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَنْفِرَ فِيهِ، لَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ، وَكَانَ أَوْلَى مِنَ الْقِيَاسِ بِحَرِيٍّ، وَالَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَوْقِيفٌ وَأَمَّا زُفَرُ فَلَمْ يَكُنْ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ أَصْلًا فَهَذِهِ خُطَبُ الْحَجِّ قَدْ ذَكَرْنَاهَا، وَمَا قَدْ رُوِيَ فِيهَا، وَمَا قَدْ قَالَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا، وَاحْتَجَجْنَا لِمَنْ صَحَّ قَوْلُهُ عِنْدَنَا مِنْهُمْ بِمَا صَحَّ بِهِ قَوْلُهُ عِنْدَنَا وَاللهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
|